
لا أرى نفسى قادراً على وصف بنغازى، وإعطائها حقها من المدح أرضاً وأهلاً، أكثر مما قيل فيها عبر تاريخها النضالى البطولي المجيد، الذى سَطره أهلها الأفذاد الأشراف، وأكتفي بالقول، أنها قلب ليبيـا النابض، وتبقى أهمية باقي أطراف ليبيـا أساسية، فالقلب لم يَدَعى وحدانية تحريك الجسد (الوطن) الذي كل عضو فيه، له أهميته فى حياة القلب نفسه، وإن لم يكن هو كل شيء، لكن يبقى القلب هو شرارة المُحرك، حفظ الله (بنغازى) نبضاً دائماً مُعافى.
في مقال سابق لأحداث بنغازى بيومين، أكدت بقوة أن أسياد كسم البوم الناعق (ليون)، الذي عكس ولا زال، التصرفات التآمرية الرعناء لأصحاب الربيع آباء فبرايور وسائر الربايع إذا جاز التعبير، أنه وبعصاة ليون التى تمثلت فيما وَصَفتَهُ بالتشكيلة الليونية (نسبة إلى تحول بهلوانيات ليون إلى ظاهرة)، كان هدفهم الأكبر حسب تحليلاتهم الخائبة، هو توجيه ضربة قوية مجلجلة لليبيـا، بإشعال حرب بسوس أهلية ضروس، بين شرقنا وغربنا، مؤداها تقسيم البلاد.
هكذا هو مُصمم شرق الفوضى الخلاقة الجديد وخرائط تقسيم بلاد العُرب وتدمير الأسلام .. الأمريكى برنارد لويس (تجاوز التسعين) (قرر أن تنقسم ليبيـا من 3 الى 4 دول مستقلة تماماً) لم يقرأ، ومن ثم لم يستوعب أن الدم الليبى مُندمج فى شرقه وغربه، ومن أراد التعامل معه من دول العالم الخَيِرَ منها والشرير، أن يُبقيها حلقة في أذنه ومن والاه، أن ليبيـا لن تكون إلا وطنٌ واحدٌ، على قلب رجلٌ واحدٌ، شرارتهُ بنغازى العَصِيَة، التي كَسَرَت عصاة ألليونية، ويَحضُرَنى هُنا بيت لأحمد شوقي (وما استعصى على قومٌ مَنَالٌ … إذا الأقدامُ كانَ لَهُم رِكَابا)، وكذا قولٌ لجمال الدين الأفغانى (الأزمة تَلدُ الهمة).
الحمد لله، الحمد لله، الذى لا يُحمَد على مكروهٌ سِواه، فالمكروهُ، هو آلامُنا وحُزنُنا على فقدان أبناؤنا فى أحداث بنغازي وجوارُها، الذين هبوا واهبين أرواحهم من أجل عزة ليبيـا ووحدتها، نسألُ ألله أن يَغفِرَ لهم، ويُسكِنهم الفردوس الأعلى، مع الشهداء والصديقين .. أما تكرار الحمد .. فلأن المُصيبة أرادو لها أن تكون بلا حدود فى الأرواح عدداً، وفى الزمن طولاً .. فلو تحقق حُلمهُم، واندلعت الحرب الأهلية، التي كانت تشكيلة ليون تُمثل كُرة لهيبها، والتي أطفأها شباب بنغازى العصي بدمهم الزكي، حيث نقف كل الغائبين عن ساحة الكيش، أمام بطولاتهم فى خجل كبير.
إن ما يُسمى بالدول العظمى (الغربية منهم) لا يستحون، بل لاشعور أنسانى لديهم… فَهُم مخلوقات وحشية نارية، تقذف ألسنة لهب مؤامراتها، على شعوب الأرض المغلوبة على أمرها كافة، والتي للأسف منها بلاد العُرب المُسلمين عموماً، مُستعملة أدوات صنعتها من أجل ذلك، على رأسها، ما سمته بالأمم المتحدة؟؟؟!!!، التي من أبناؤها، مُسيلمتهم أبو نظارة، الليان ليون، حيث فاق بجدارة مُسيلمة الكذاب، الذي ديدانه، يؤكد، ثم يكذب، ويعد ثم يخلف.
وعد مُسيلمتهم، أن تشكيلته نهائية، وقبل ذلك أكد أنه سيستقيل لو لم يقبل الليبيين نتائج طبخه، وهدد مُزبداً رغداً، بأنه وما لم تُقبل تشكيلته (النهائية) (لاحظ إية)، فإنه سيبكي لأمه المُتحدة!، لتقذف الليبيين بحِمَمِها، وبعد أن دَشدشت بنغازي (كسرتها إرباً) عَصاته (تشكيلته)، لحس ما تقيأ به، ورجع ورجعت نيويرك، إلى خَطب ود الليبين العَصِيين، ودعتهم لمطبخ الصخيرات الأربعاء، حيث يستعدون الآن لتغيير طـُهاته وطناجره ثم بهاراته، لعلهم يستطيعون أن يُمرروا طبخة جديدة، نتمنى أن يتيسرعلينا بَلعُها هذه المرة، من تكرار لفض التشكيلة، لم نقصد البتة الإساءة لأيٍ من أسماء أعضاؤها خاصة السراج، ولكن القصد تركيبتها.
إننى لن أناقض نفسي، من خلال سلسلة مقالاتي التي كرستها، لأهمية قبول ما يمكن أن يرشُح من الصخيرات، ولكن كنت دائماً أطالب بمحاولات تعديل ذلك المرشوح، وها هو حدث بنغازي الأليم، يفرض أداة التغيير، التي حتماً ستجعل طبخهم أسهل بلعاً.. متفقين، أنهم لن يعطونا ما يمكن أن نُسعد به 100%، ولكن كما قلنا شيءٌ أحسن من لا شيء، المُهم يمكن بلعَهُ .. يبقى أن نُكرر مطلب التعاون معهم، حتى الوصول إلى أمرٌ وسط بيننا وبينهم، يتنازلون فنتنازل، من آجل الإبقاء على وطنٌ آمنٌ موحد، ولو كان واهناً سيتعافى.
مطلب مُجاراة الأمم الأستعمارية المُتحدة، ليس قطعي، أو كما يُقال (هو حد الدُنيا) ولكنهُ أفضل المُتاح، بسب فشلنا الصريح وعلى مدى خمسة سنوات، في اللقاء على كلمة سواء … بدل من أن يؤدي بنا خلافـُنا، وشطحات ميليشياويونا ومعهم حُذاقُنا، من أبناؤنا عرابي بيع رؤوسنا ورأس الوطن، للاعبي بوكر الربيع، إلى التشتُت والتشرذم الكاملين، واللذان قد يجعلانُنا (لا سمح الله) فى عِداد شعوبٌ سادت ثم بادت.
إن عَرَابيهُم ممن يُفترض أن يكونوا أبناؤنا فيصِفوا في صفنا، أمثال البكائين وجالبي الإعترافات، وأمثالهُما ممن برزوا على رؤس وفود الصخيرات، وآخرين لا تعلمونهم، كُلَهُمُ فى صف مُلاك الربيع، يُعطوننا نظرياً من طرف اللسان حلاوة وطنيتهم المُزيفة، ولكنهم عملياً فى خفاء دهاليز دوائر أصحاب الربيع، يُسمسرون في رؤوسنا واحداً واحداً … إذن وحتى تتوحد رؤانا، ونجتمع على كلمة سواء، لا مجال لنا إلا أن نقتدي بألمانيا واليابان، اللتان أوصلوهما لشفا حفرة الدمار النهائي.
لكن وفي أي وقت، يستطيع غرب ليبيـا وجنوبها، أن يقتفيا أثر بنغازي، ويَهِبَان هَبةٌ واحدة، في وجه (أولاً) من أجرم منا الليبيين من سماسرة الوطن المغدور في حق شعبنا، و(ثانياً) فى وجه عُتاة الشرق الجديد، فإنه حتماً سيكون النصر حليفنا، وسَندخُل التاريخ بذلك، ولن يكون بيننا محلٌ للبرناردينوات ومن لف لفهم، بل سنتحول إلى شُعلة (نمودج) لثورة كونية عارمة، تقلب طاولة العالم المكلوم، على رؤس مُستعمريه الأقدمين الجُدد، وإن صدقت نوايانا، فإن ذلك سهلُ المنال.
يبقى، وفق مُعطيات وضعُنا الحالي، حيث بأيدينا لعدم أستيعابُنا لما جرى ويجري حولنا، أوصلنا أنفسنا لقتال بعضنا بدل قتال أعداؤنا، وشردنا المُخلصين من أبناء الوطن، وزكينا بل توجنا الحُقراء البيوعين منا، وعليه (باش تنفخ النار يا لشلم) لذا، وإلى أن يشاء الله، ما لنا إلا أن نحاول تعديل ما رشح ويرشح عن الصخيرات، حتى نصل إلى الحد الأقصى لما يمكن أن نقبله، وندع المَركب تسير، اللهم فرج كُرب بلادنا، واجمع بين قلوبنا الليبيين جميعاً، اللهم آمين.