وجه من وجوه بنغازي

وداد الساقزلي

وداد الساقزلي

عرفت المرأة الليبية على مدى تاريخها بعطائها وحضورها المميز في ذاكرة هذا الوطن؛ أم ورفيقة نضال طوال سنوات الجهاد ومربية فاضلة ومعلمة في دولة الإستقلال جنبآ إلى جنب مع إخوانها من رجالات هذا الوطن، ومن هولاء السيدات برزت أسماء لرائدات ليبيات أصبحن مثالآ يحتذى به .. لما بذلنه من جهد وعطاء وعزيمة وإصرار للمشاركة الفعالة فى بناء الدولة الفتية آنذاك ... لتنطلق فتياتنا الليبيات بعد سنوات من العزل والإقصاء والحرمان إلى التزود بالعلم والمعرفة فشققن بعزيمتهن و إصرارهن و إيمانهن القوي بدورهن النهضوي المناط بهن .. طريقاً لم يخلو يوماً من الصعاب للوصول إلى تحقيق ما عجزن عن تحقيقه في الماضي .. لتشارك كمهندسة ودكتورة ومحامية وممرضة في بناء ليبيا الوطن .. ومن هؤلاء الرائدات كانت الدكتورة "وداد محمد السنوسي الساقزلي" أول فتاة ليبية تتخصص في مهنة الصيدلة بعد سنوات من الدراسة ببريطانيا، والتي ولدت ببنغازى في العام 1937م.
وهنا ننشر نصاً لمقابلة أجرتها معها "مجلة المعرفة" في العام 1961م بعد تخرجها مباشرة ورجوعها إلى أرض الوطن و فيها يستطرد الكاتب في التعريف بها فيقول: الفتاة الليبية أخذت فى السنوات الأخيرة تنفض عنها غبار الإنزواء, و انطلقت إلى ميادين العلم تخوضها بعزيمة وقادة ورغبة أكيدة, و اندفعت بنت ليبيا رافعة رأسها لتسهم في نهضة بلادها وتقدمها، ومن الفتيات اللائي نهجن هذا السبيل فتاة من بنغازي من عائلة تقدر العلم والمعرفة وقد عادت الآنسة وداد الساقزلي (24 سنة) مؤخراً إلى بنغازي, بعد أن تخرجت من جامعة بريطانية كصيدلانية قانونية، وهي أول فتاة ليبية تتخصص في هذا الحقل، هذا وقد سأل مندوب المعرفة في بنغازي الآنسة وداد عن دراستها وميدان تخصصها؛ متى التحقت بالمدرسة؟ أجابت: التحقت في سن مبكرة جداً بالمدرسة الإبتدائية, وتعلمت القراءة والكتابة وأنا في سن لم أعها فكأنني ولدت أقرأ وأكتب, و طويت مرحلة الدراسة الإبتدائية بسرعة لم أبذل فيها عناءاً كبيراً بسبب ما كنت أجده في بيئتنا من عناية و اهتمام, و خاصة من أخواتي اللائي يكبرنني سناً واللائي اقتحمن رحاب الجامعات للتزود من الثقافة والمعرفة قبلي, وأتممت دراستي الثانوية بانتظام إلى أن التحقت بكلية الصيدلة في بريطانيا بموجب بعثة دراسية حكومية, وتخرجت من جامعة إدنبرة عام 1961م, وذلك بعد أن حصلت على إجازتي العلمية في مهنة الصيدلة كأول صيدلانية ليبية, ومن ثم انتسبت إلى جمعية الصيادلة البريطانية.
- هل تلقيت أي تدريب عملي بعد تخرجك في كلية الصيدلية؟
- نعم، لقد التحقت بدورة تدريبية في مختبر قسم الصيدلة بمستشفى وستمنستر بلندن, وبعدها حصلت على عضوية جمعية الصحة الملكية البريطانية, وعند رجوعي إلى الوطن سرعان ما قبلت عملاً في مؤسسة التأمين الإجتماعي بصيدلية بنغازى, مساهمة مني في خدمة وطني كلبنة صغيرة في بناء صرح مجتمعنا الصاعد, الذي نعمل جميعاً على توطيد أركانه ورفع بنيانه ونعتز بتقدمه ورقيه.

المصدر: مراد الهوني