وجه من وجوه بنغازي

حميدة العنيزي

حميدة العنيزي

هذه قصة سيدة صنعت بعزيمتها وإصرارها تاريخاً نستلهم منه الدروس ونتعلم منه أهمية الكفاح من أجل المبادئ وأهمية العمل الجماعي المنظم، ولدت السيدة حميدة طرخان (التي اشتهرت باسم حميدة العنيزي نسبة إلى أسرة زوجها) عام 1892 في مدينة بنغازي، وفي عام 1911 أرسلت في بعثة دراسية إلى اسطنبول، حيث نالت دبلوم المعهد العالي للتدريس بتفوق وأتقنت اللغتين التركية والفرنسية، ثم عادت إلى أرض الوطن لتبدأ حياة حافلة بالنشاط والإنجازات.

أسهمت السيدة حميدة العنيزي في الإهتمام بشؤون المرأة والنهوض بها ثقافياً واجتماعياً وسياسياً واستطاعت أن تكسب ثقة المجتمع مما أهلها للقيام بأدوار عدة، فتحت بيتها في عام 1917 ليكون فصلاً لتعليم الفتيات مبادئ القراءة والكتابة، وتحفيظ القرآن الكريم، وتعليم التطريز والحياكة، وشاركت في المسيرة التعليمية بالبلاد فأصبحت معلمة في المرحلة الابتدائية بمدينة بنغازي ثم أول مديرة ليبية لمدرسة البنات بالمدينة، كما ساهمت في عام 1954 في تأسيس جمعية النهضة النسائية التي عملت على إقامة الأنشطة الخيرية وجمع التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة، وتدريب الفتيات على مهارات الحياكة والإقتصاد المنزلي وتشجيعهن على القيام بنشاطات ثقافية، كما ساهمت في تأسيس حركة المرشدات الكشفيات عام 1960 وتأسيس أول نواة للتمريض بالمدينة.

وفي عام 1963 أشرفت السيدة حميدة العنيزي على إنشاء مدرسة مسائية تطوعية لتعليم النساء القراءة والكتابة كما أنشأت أول مكتبة ثقافية نسائية في بنغازي، وفي عام 1965 شاركت في تكوين "الاتحاد النسائي الليبي"، الذي أتاح للمرأة الليبية المشاركة في الكثير من المؤتمرات المحلية والدولية، ولم تكن الصعوبات التي واجهت هذه السيدة بالقليلة، فغالبية الناس آنذاك كانت لا تدرك أهمية تعليم البنات بل تقاوم محاولات التغيير والإصلاح، وبالإضافة إلى ذلك كانت البلاد تعاني من الفقر الشديد وقلة الإمكانيات، لكن إرادة هذه السيدة مكنتها من تذليل الصعوبات وتحقيق الأهداف التي كانت تصبو إليها.

وكان لهذه السيدة جهودها في دعم ممارسة المرأة لحقوقها السياسية، وقد تم تكريمها وزميلاتها بدعوتهن عام 1963 لحضور جلسة إفتتاح البرلمان، كما قام الملك إدريس بمنحها وسام محمد بن علي السنوسي في مارس 1969، وفي يوم 12 أغسطس من العام 1982 فارقت السيدة حميدة الحياة ودفنت بمدينة بنغازي، غير أن ذكراها ستبقى علامة مضيئة في تاريخ الحركة النسائية في ليبيا.

المصدر: موقع منظومة المرأة الليبية