مقال

رمضان في بنغازي

يستعد أهل بنغازي إستعداداً طيباً لملاقاة شهر رمضان في كل عام فهذا الشهر المبارك يحتل مكانة وقيمة بين الناس الذين يحتفلون بمجيئه وذهابه في كل عام، ويستعد الناس قبل حلول شهر الصيام بشراء لوازمه من المأكولات واللوز والفول السوداني والصنوبر وغيره من لوازم رمضان.

وعندما كان يحل شهر الصيام في أوقات لم توجد بها تلفونات ولا موصلات أخرى سريعة فيظل الناس ليلة الصيام أمام المحكمة الشرعية ينتظرون من سيأتى ويشهد برؤية الهلال، فإذا جاء أحد وشهد برؤية الهلال أمام القاضي وبتزكية شاهدين يحكم القاضي ببداية شهر رمضان وإلا فيكون الغد المتمم لشعبان.

والغريب أن البلاد متقاربة وتختلف في بداية صومها فلو فرضنا أن الهلال تم رؤيته في إجدابيا وقرر القاضي بداية الصيام ويكون في بنغازي قد إنعدمت رؤية الهلال وأصبح الناس فاطرين وذلك بسبب قلة التلفونات التي تربط بين مختلف البلاد، ويسر الناس سماع آذان المغرب وإطلاق مدفع الإفطار لأنهم يقبلون على طعام شهي وكانت أطعمة رمضان في بنغازي شهية بمعنى الكلمة وتتألف من الشُربة اللذيذة ومن طاجين لحم بالبطاطة ومفروم باللحم والبيض أو بدل الطاجين طبق من الكسكسي أو الرشدة أو الأرز والبوريك والبراك.

وتحاول النسوة تغيير المأكولات بين ليلة وأخرى كي لا يتكرر ما أُكل في الليلة السابقة أن يُؤكل في هذه الليلة، وصلاة التراويح يقوم بها أغلب الناس الذين يذهبون إلى المساجد لأدائها، وكان في دور بعض المقتدرين فقيه يصلي بالمدعوين إلى العشاء صلاة التراويح، ويتزاور الناس في رمضان وتظل الأنوار مضاءة والحركة دائمة إلى ساعة متأخرة من الليل، والسحور هناك من يظل متيقظاً إلى حلول وقته وهناك من ينام ثم ينهض للسحور، وعادة تُؤكل في السحور مأكولات خفيفة.

ويحتفل في رمضان بكبيرة حلوله وكبيرة النصف وكبيرة 27 رمضان وتقدم في هذه الكبائر مأكولات خاصة، و يقضي الناس سهراتهم الرمضانية في المرابيع أو في المقاهي وخاصة مقاهي الفندق التي يكثر بها لاعبوا الورق والخاتم، وفي المرابيع تدوم السهرة إلى ساعة متأخرة من الليل يلعب خلالها الحاضرون الورق وتقدم إليهم الحلويات والإسفنز.

ويحل العيد بالرؤيا من أمام المحكمة الشرعية التي تظل تنتظر في الشاهد الذي ينبؤها بنهاية رمضان، وتقام صلاة العيد مبكراً ويذهب إليها الناس جماعات مرددين بصوت عالي "الله أكبر الله أكبر ولله الحمد" وبعد الإنتهاء من صلاة العيد يقوم المصلون بتهنئة بعضهم البعض بهذه المناسبة السعيدة، ويفرح الأولاد بالعيد ويقرعون دور الأقارب والجيران للحصول على العيدية ولم تكن في بنغازى لا ملاهى ولا وسائل ترفيه للأولاد والوسيلة الوحيدة التي كانوا يتمتعون بها هي رحلة بالقوارب إلى شاطىء جليانة والعودة، وتعد الحلويات بأشكال مختلفة لتقديمها إلى المهنئين بالعيد، ويتوافد على الدور المهنئين من أبناء البلاد.

بقلم: د.وهبى البوري