مقال

تنّين بنغازي ونهر الليثي العجيب

لادن Ladon في الأساطير الإغريقية كان تنّيناً بمائة رأس، أنبتته الأرض الليبية، كان يحرس حدائق التفّاح الذهبي في يوسبريدس (بنغازي)، وهو لا ينام أبداً، وكانت تساعده ثلاث حوريّات جميلات .. لا شيء يذكرنا الآن بالمشهد القديم لهذه الأسطورة سوى نهر الليثي العجيب.

صرع هرقل التنين لادن، واستولى على التفاحات الذهبيات المقدّسة، ثم قدّمها إلى غي، التي قدّمتها بدورها إلى هيرا بمناسبة زواجها من زيوس (كبير الآلهة عند اليونانيين القدامي)، ثم قام زيوس بتجسيد ذلك في السماء، حيث تمثّله الآن نجوم كوكبة التنّين Constellation Draco التي تحتوي على تفاصيل عدّة لمجرات وسُدُم ومجموعات نجمية.
 
هكذا أسمت الأسطورة هذه الكوكبة، وقد تم تشكيلها على صورة تنين منذ القدم، وهي حول القطب الشمالي، أما الآن فإننا نردّد عادةً اسم تنين بنغازي كلما تحدثنا عن هذه الكوكبة التي حافظ الإتحاد الدولي للفلكيين على اسمها.

تصف الأسطورة أيضاً أن لادن كان يتميّز بقدرة على إصدار مختلف الأصوات، ويوصف أحياناً بأنه ابن الإلهة غي Ge (ربة الأرض)، كما تم تمثيله بجبال أطلس لأنه يحمل السموات على كتفيه، وقد جعله الشاعر هزيود رمزاً لهيجان البحر ومخاطر الإبحار ويصفه بـ"الطوفان القوي".

وفي أسطورة لادن يرد أيضاً ذكر نهر الليثي (أو نهر الليثون)، أي "نهر النسيان"، كما تدلّ كلمة الليثي Lethe في اللغة اليونانية، وهو الاسم الذي تعرف به الآن منطقة الليثي بمدينة بنغازي.
 
يقع النهر في منطقة بوعطني، ويمكن الوصول إلى مسيله من خلال كهف ضخم تحيط به الحدائق موجود تحت سطح الأرض، وعند القاع على بعد 50 متر توجد بحيرة جوفية ساكنة يمتد منها نهر لا نهاية له.

يمكن النزول للكهف عبر سلم حجري، وهذا النهر كان مقدساً لدى الإغريق القدماء حيث كان أحد الأنهار الخمسة في الجحيم أو العالم السفلي وفقاً للأساطير الإغريقية القديمة، حيث يعتقد الإغريق أن الأرواح لابد أن تمر من هذا النهر لتتطهّر وتنسى آلامها، وأن من يشرب منه ينسى كل شيء مؤلم مرّ به في حياته وذلك باعتبار وجهة أرواح الموتى لتطهير ذنبوهم ونسيان آلامهم في الحياة.

بقلم: عبد المنعم المحجوب