
كانت السيدة هناء ناشطة في مجال قضايا المرأة، كما أنها كانت من أوائل المدونين الليبيين حيث بدأت في التدوين والكتابة في العام 2005، ورغم أن السيدة هناء عاشت بالولايات المتحدة الأمريكية سنوات طويلة، إلا أنها لم تنسى وطنها “ليبيا”، فقررت أن تقوم بعمل لصالح مجتمع ليبيي المهجر، ولصالح المرأة الليبية، فكانت وراء إطلاق مؤسسة “تبرة” في العام 2001.
مؤسسة تبرة مؤسسة أهلية تطوعية تسعى لإثراء حياة المرأة الليبية والنهوض بها أينما كانت، من خلال إبراز تفوق المرأة الليبية في شتى المجالات وتشجيع النساء القياديات، عبر إنشاء “جوائز تبرة”، بالإضافة إلى تسليط الضوء على نجاح الشابات الليبيات، و الإعتراف بتفوقهن، ومساعدتهن على النمو وتقديمهن كمساهمات فاعلات في بناء المجتمع الليبى بالداخل أو الانخراط في مجتمعاتهن الجديدة بالمهجر.
وكانت السيدة هناء تقول عن عملها التطوعي “إن قيمة حياة الإنسان لا تقاس بعدد السنين التي يحياها ولكن بعمله في هذه الحياة وما قدمه لنفسه ولمن حوله وللبشرية بصفة عامة … والمهم من وجهة نظري، أفضل أن تكون حياتي قصيرة نسبياً ولكن غنية بالعلم والمعرفة والعطاء والتجارب والتكرس لما فيه النفع للبشر”.
وقد فسرت السيدة هناء سبب اختيارها لاسم “تبرة ” لكونه يحمل دلالة رمزية فهو اسم قديم وشائع في جهات مختلفة من ليبيا، يعني ذهب، أو خامة من ذهب، تم إختيار هذا الإسم كرمز للخامة الليبية المتمثلة في الفتيات والنساء اللاتي يتم تكريمهن وتقديمهن كنماذج من الموارد البشرية النفيسة في المجتمع الليبي، بإعتبار أن كل واحدة منهن تبرة.
لم تحصر السيدة هناء أهداف المؤسسة حول فئة معينة من النساء من ناحية العمر أو مكان الإقامة، إذ أن المرشحات للجوائز أو للأضواء مميزات بأعمالهن لا بكونهن نساء في المهجر، فلم يقتصر برنامج تبرة التكريمي على الليبيات بالمهجر، إذ سعت لتسليط الضوء على انجازات نساء الداخل رغم القيود المفروضة في تلك السنوات على التواصل والعمل بحرية داخل ليبيا.
منذ إفتتاح مشروع جوائز تبرة في العام 2001 تم تكريم اكثر من 23 فتاة من خريجات الثانوية العامة، تحصلت 7 منهن على جوائز مالية تم دفعها للمساهمة في تغطية مصاريف الدراسة الجامعية أو المستلزمات المدرسية، وتحصلت جميع المرشحات على شهادات تقديرية، وكانت قيمة الجائزة المالية تعتمد أولاً و أخيراً على التبرعات التي يتم جمعها من أفراد المجتمع الليبى بالمهجر، وكانت القيمة المعنوية هي الأهم بالنسبة للفتيات فهي أكبر بكثير من أي قيمة مادية، فهو بمثابة التكريم من وطنهن لما يحققنه من تفوق ونجاح وانجاز.
وقد شارك في لجنة التحكيم لمنحة تبرة حوالى 18 شخصية من الليبيين بالمهجر، وبالداخل الليبى في عامي 2006 و2007، و هم من الخبراء والمهنيين من أفراد المجتمع الذين تطوعوا بخبراتهم ووقتهم لدعم مشروع تبرة.
كانت هناء النعاس إنسانة إيجابية ونشطة، لم تقتصر هناء النعاس على مشروع تبرة، فقد ساهمت مع مجموعة من ليبيي المهجر في إنشاء موقع ليبى باللغة الإنجليزية يعرُف بالثقافة والفنون في ليبيا، بالإضافة لمشاركتها في تنظيم احتفالات ومناسبات ثقافية وفنية للتعريف بالتقاليد والحياة في ليبيا في المهجر.
درست هناء في مدارس مدينة بنغازي حيث ولدت وعاشت جزء من حياتها، قبل أن تنتقل مع أسرتها للخارج لطبيعة عمل والدها السيد عبد الرحيم النعاس في مجال المصارف والنفط، نالت درجة الماجستير في الإقتصاد وإدارة الأعمال، وعملت في مؤسسات اقتصادية ومصارف عالمية في بيروت ولندن قبل أن تستقر في الولايات المتحدة الأمريكية بعد زواجها من السيد “سليمان دريجة”.
كانت هناء رغم المرض ومعاناتها، تفكر في خطط لمشاريع جديدة تنفذها في مجال العمل للصالح العام في ليبيا، إلا أن المرض والموت لم يمهلها، رحلت هناء النعاس في السادس عشر من شهر يونيو العام 2011 بعد معاناة مع مرض السرطان، حيث شهدت بدايات ولادة جديدة لليبيا، تاركة ذكري جميلة لدى من عرفها أو عمل معها أو شاركها أنشطتها.
المصدر: موقع منظمة إيراتو للإعلام والثقافة